أرى صورتي مقروحة الألوان، تمضي أمامها استفهاماتها، تمضغُ قلقاً، تمشي تمشي تمشي ثم تقفز على قريحتها التي نسيت كيف تَكتُب، تمط رقبة، تقفز هكذا هكذا، تمرُّ من عندي، تعاتبني، أقسم بأنني من الآن فصاعداً سأمر دائماً من عندها، لا تبكي عليّ، لا أبكي عليها، أُبلي بلاء حسناً في ذلك اللقاء. تُقبِّل عنقي، تؤذيني، تُدخل رأسها في بطني، تدغدغني، أنقذيني، أنتِ مقروحة رغم الألوان، لأنك صورتي، لأننا لم نبكِ، لأننا لم نبلِ بلاءً حسناً في ذلك اللقاء، وأنا عليك، يا زهرتك القارة، يا قبلتك الفوّارة، يا هذه الاطلاقة التي ما عندها من محيص. فُضّ فوك وأنتِ في التقبيل، أما تنظرينها صارت فصيحة وردتي من شدة الارتجاف؟. عراؤنا المتنقل الذي يُحكم توقاً مضيافاً، ها ينسف بالرمل قصوراً عدة كنتِ قد هيئتها وتركتِ كنزاً أراد أن يُعرف، تركتيه في عانة جاهزة للانطلاق، فصيحٌ هو الآخر ولكنه جاحد بالارتجاف. ونحن في أُسرة الكرّة المثقوبة، مضت يُمناك في شحذ فخذي وضميرك يُطهِّر ما قياسه ورمٌ من نهدي، لو أن لي بعضه ما تركت حاويات من الصبغات تمضغ في صورته حتى صار أخف من أن يُرضَع، ولكنه لكِ، فكان أن تركتِ لي قَسَماً آثرتُ ألا أُقْسِمَهُ إلا وجبينك المطّلع يندى من شدائد الرشق في حقوي، فقلتِ تمضين هكذا من فوق الحقائق اللدنية بشيء من الشوّال، تجمعين به مرابطَ دنيوية تقذفينها في وجهي وأنا أبكي، أنا أبكي، وتلك يسراك أمسكت مني يداً، فصرتُ عندك، والحال هكذا، أطعمتني بؤساً وقلتِ لا، فقلتُ نعم، فقلتِ إذن هو ها هنا وأنتِ صورتي التي تبكي. وكان برزخ صغير لا يُبشر باللقاء ولا يتريث في التصريف فلا هو سقيا ولا هو تنظيف، ألقاه طَمَعي على حافة من السرير كانت عليها أسناني، ولو أن رشقك قطّر مني ما هو أبقى من اللين الذي تعرفين، إلا أن دموعي ما رضيت، فصار في عنقي فحيح. أما بعد، سافرتُ عندها إلى مرابطَ البعير الذي قيل له "أنتَ الأيام" فصَدّقَ، قلتُ له أنا رسولةٌ كذوب ولي حبيبة ولكني أنسى، قال بعضك النسيان، وبعضك هجرة ومعظمك طعامٌ لطيوري. ذكّريني أن أكتب، هل حقاً أغفلتنا القافلة أم هذه حبائل التصوير؟.