تعبير، ما تلك المنصة التي ينطلق منها
البَصَر؟ ما الكلام؟. أراني دائماً في التحليق لحظةَ أرى ظُهُوراً كالسماء،كفضاءٍ رَحْبٍ يسبحُ فيه آخرون، ولكن
لا، يبدو الظُهور كذلك من الخارج فقط وبمجرد أن يبدأ تعبيرٌ، مَقَالُ الذي يحاول
أن يُوَافِق المقام؛ يضيق بي، يضيق به المكان وأُصبح السجين الذي يخطرف خَطْرَفَةً
مُتواصِلَة عن مواعيد وإِجراءات إِطلاق السراح.
رقيقُ الحال يا قلبي، أنت رَقيقُ هذه
الحال، تَـمَيَّدُ عَتَهَاً وجنُوناً مُتهتِّكاً في انتزاع تلك الـمَسرَّات التي
نَسيْتَها في آخرين يوم انطلقتَ مذهولاً خارج جسدٍ تريد أن تُسطِّر العالم في
أوراقك القليلة الغَضَّة التي لا تحتمل حبراً إِلا وتبكي بدموعٍ مُلَوَّنَةٍ لها
رائحةُ الأعطَاف الـمُتَعَرِّقَة مِنْ طَبْخِ الحنان.
ليسَ لك أنْ تتذمر يا قلبي الأخضر الـمُر، يا حديدة
المرأة الـمِصْداحَة، يا شافي القروح بأَسنان السرور، يا حَيَامِنَ سَماءٍ أُسْطُوريَّة
فوق قرية "شالت حنة". زياراتُكَ التي مِنْ مَرَاهِمَ بيضاء أَسْفَرَتْ
عنكوبتاً يَزْهُو في شَمْلةِ نورين: نورُ خفقانِك المرتعش ونورُ ظُلماتِك
الساقية. يا كَأسَ المنون الذي به يشرب، إليك عنِّي؛ يا سِنَّارة البحر التي بها
يغرق، أَبْكَاكَ ظّنِّي؛ يا عضلة السوق التي فيها ينضب؛ يا سيَّاف النذور؛ مُرتاد
الحرور؛ إِنذارة الهتك المجيدة؛ شَائِه الجسد العنيد. يا قلبي السِّكِّين؛
ذَبَـحْتَنِي.